قدمت 1015 شهيد  و2879 مجاهد

وهران تعيش نشوة الاستقلال عبر برناج احتفالي ثري

وهران: براهمية مسعودة

معالم تاريخية وتذكارية تقاوم التهميش

تعيش  عاصمة الغرب الجزائري وهران اجواء الاحتفالات المخلّدة للذكرى 55 لعيدي الاستقلال  والشباب بكل مظاهر الاعتزاز والافتخار بهذا الحدث المميز الذي جسد أسمى معاني تلاحم الشعب وتجنده دفاعا عن المقدسات الدينية والوطنية. 
الباهية التي أنجبت، بحسب آخر الأرقام 1015 شهيد و2879 مجاهد، بينهم 1835 لا زالوا على قيد الحياة و1044 في عداد الموتى، سطّرت برنامجا ثريا لاستحضار انتصارات الشعب في نضاله من أجل التحرر من نير الاستعمار وإرساء الأسس الأولى لجزائر الغد. “الشعب” تنقل تفاصيل الاحتفالات من عين المكان.
 احتضن المتحف العمومي أحمد زبانة، امس، الاحتفالات المشتركة بين بلديات وهران، سيدي الشحمي وبئر الجير، انطلاقا من إقامة معرضا متنوّعا بالتعاون مع متحف المجاهد ومصلحة الأرشيف وكذا الإتحاد النسوي والأطراف الفاعلة في المجتمع المدني.
 الدكتور بلحاج أستاذ في التاريخ خلال محاضرة  قدّم لمحة عن ليلة ويوم الاستقلال بمدينة وهران، فيما تناول رئيس الجمعية الوطنية لترقية زراعة الزيتون، بختاوي السعيد، في مداخلته عنوانها: “ أرض الشهداء وضمان المستقبل” فكرة أنّ مستقبل الجزائر الاقتصادي يعتمد على الفلاحة وما ينجبه ترابها من خيرات باعتماد دراسات وأبحاث موثوق منها.
 خلال الفترة المسائية، تمّ إطلاق تسمية “المجاهد بوشنتوف إدريس الحاج”  على دار الشباب بحي العقيد لطفي وتسمية “الشهيد أحمد زبانة” على وحدة الحماية المدنية ببئر الجير، كما اصطلح على تسمية محطة الترامواي وهران بـ “الإخوة الشهداء بلعزوق”، العائلة الثورية التي أنجبت أكثر من 26 شهيدا.
 من جانب آخر، برمجت الولاية حفلا تكريميا على شرف المجاهدين وأرامل الشهداء  وضحايا الواجب من الحرس البلدي وغيرهم من الأسماء الثقيلة، ومنهم الأساتذة المحاضرين والمتفوقين الأوائل بكل من (التعليم الإبتدائي، المتوسط، الجامعات والتكوين والتعليم المهنيين)، لتنطلق بعدها استعراضات فنية وثقافية ورياضية متنوّعة تخلّد أغلى الذكريات الوطنية الراسخة في قلوب الجزائريين،  لما لها من مكانة عظيمة في الذاكرة الوطنية.
 بتخليد هذه الذكرى التي ستتواصل على مستوى 26 بلدية، يجدّد الوهرانيون التأكيد على موقفهم الثابت للدفاع عن قيم ورسالة الشهداء وكل شبر بهذه المدينة العريقة، يحكي قصص وعبر خالدة، تجسّدها المعالم التاريخية التي تتعدى كونها مجرد شواهد حجرية صامتة، بل رمزا من رموز هويّتها في بعدها الحضاري والتاريخي السحيق.
 
8 معالم تذكارية، 12 معلما تاريخيا و12 مركز تعذيب
 
من الشواهد التاريخية على مسيرة وهران النضالية، المعالم التذكارية الثمانية “08” التي قيّدها الإحصاء العام المتعلّق بمقابر الشهداء والمعالم التاريخية والتذكارية التي تشكو بعض معالمها التهميش الصارخ، آخذة  في الاندثار والتلاشي، بسبب غياب برامج الصيانة والترميم.
سبعة “07” منها تتراوح وضعيتها بين الحسن والمتوسط، وهو حال الساحة العمومية ببلدية بوتليليس وساحة الشرف ببلدية بوفاطيس وساحة البلدية بطافراوي، إضافة إلى حي الحمري  وساحة البدر التابعين لبلدية وهران وكذا ساحة عميروش بالسانية، فيما وصف حال قرية سيدي عبد القادر، المتواجدة ببلدية الكرمة التابعة لدائرة بوتليليس ب«الجيّد”.
تحصي نفس المدينة بحسب الأرقام الدقيقة المضبوطة من قبل مصالح التراث التاريخي والثقافي 12 معلما تاريخيا، على غرار دار الأرواح بالقاعدة العسكرية الجوية بوسفر التابع بحسب الوضعية القانونية للقاعدة العسكرية الجوية وهو في حالة “جيّدة” ونفس الوضعية يتواجد عليها حصن المرسى الكبير بالواجهة البحرية عين الترك والتابع للقاعدة العسكرية وكذا سان لو ببطيوة ومركز البريد سيدي غانم بطافراوي وكل من مركز البريد والطحطاحة بالمدينة الجديدة التابعين للبلدية الأم.
 بالمقابل تعاني عديد المعالم التاريخية “الإهمال” ورغم ذلك لا تزال صامدة في وجه التعرية البشرية والطبيعية،  وهو حال ساحة الأبطال السبع بعين الترك ومزرعة سيدي بوعامر بعين الترك  وكل من مزرعة سيدي الهواري ومزرعة سي منصور بوادي تليلات،  فيما وضعت نفس الجهة المعلم التاريخي قرية سيدي عبد القادر المتواجد ببلدية الكرمة ضمن خانة “المتوسط”.
نفس الوضعية يتواجد عليها 12 مركز تعذيب فرنسي، 3 مراكز  فقط في حالة جيّدة ، ويتعلق الأمر بالمكتب الثاني التابع للجيش الوطني الشعبي  وحصن المرسى الكبير  التابع للقاعدة العسكرية الثانية  وكذا مركز التعذيب سان لو ببطيوة التابع بحسب الطبيعة القانونية لشركة وطنية للأشغال البحرية.
 كما طال الإهمال مراكز التعذيب التالية: مزرعة سي الهواري ومزرعة روكس بوادي تبيلات وكل من مزرعة جيرو  ومزرعة سرسايون وشولي بببوتليليس، المستغلين من طرف السكان، إضافة إلى مزرعة أزيمور بمسرغين وشاطوناف التابع للأمن الوطني لوهران وكذا مزرعة أركول ببئر الجير المستغل من طرف الخواص  ونزل بن أحمد ببلدية وهران المستغل من طرف أحد المواطنين.
 
..تسمية الشوارع والأحياء بأسماء الشهداء والمجاهدين ناهزت الـ 99 ٪
 
تتواصل عملية تسمية الأماكن العمومية لاسيما منها الساحات والشوارع والتجمعات السكنية والمعالم التذكارية والمآثر التاريخية والمباني بأسماء الشهداء الأبرار والمجاهدين وشخصيات وأعيان الجزائر عامة لتظل تضحياتهم مثلا ونبراسا للأجيال القادمة.
على ضوء ذلك حاورت “الشعب” السيدة وهيبة بلعربي، رئيسة مصلحة التراث التاريخي والثقافي والمكلفة بالعملية بمديرية المجاهدين التي أكّدت أنّ العملية التي أضحت تخضع للمرسوم الرئاسي 14-01 المؤرخ في 5 جانفي 2014 والمحدد لـ “كيفيات  تسمية المؤسسات والأماكن والمباني العمومية أو إعادة تسميتها” ناهزت الـ 99 بالمائة على مستوى الولاية.
 إلى ذلك أشارت إلى  عديد العراقيل التي واجهتهم  بالبلدية الأم، أبرزها التماطل في تسوية التسميات القديمة، ناهيك عن التخريب الذي طال معالم التسمية ولوحات الإسم بفعل الزمن والإنسان وكذا العشرية السوداء، مع العلم أنّ معظم شوارع وأحياء وساحات ومرافق هذه البلدة المترامية الأطراف مسماة بالأسلوب القديم، أي بدون قرارات، لاسيما القديمة منها،  وقد لا تنتبه لجان البلدية التي تتكفل بعملية الإحصاء أو تكون على جهل بالتسمية السابقة  وتقيّد المكان المعني على أنّه بدون تسمية، وفق ما أشير إليه.
 
.. وعمليات تثبيت الأسماء الفرنسية صديقة الثورة

بحسب السيدة وهيبة دائما، فإن العملية التي شرع في تنفيذها بوهران بصورة محتشمة  في سنة 2006 تهدف إلى “ الحفاظ على الذاكرة التاريخية للجزائر  واستبدال التسميات الاستعمارية والغربية بأسماء أبطال صنعوا مجد الجزائر، ناهيك عن تثبيت أسماء أخرى كانت دون قرارات إدارية على غرار الفرنسيين المساندين للقضية الجزائرية.
 اضافت نفس المتحدّثة مشدّدة على “ضرورة مراعاة توصيات مبادئ وبيان أول نوفمبر باحترام  أصدقاء الثورة”  أمثال “فرانز فانون” بالقطاع الحضري سيدي البشير (البلاطو)  هذا  المثقف الفرنسي الذي تجند لدعم الثورة الجزائرية وكان له دور  في دعم القضية الجزائرية حال “سان ميشيل” اسم عيادة بالقرب من محطة البلاطو  وكذا عيادة “لاليبار”، العائلة التي أحدثت ضجّة كبيرة زمن الاحتلال بتقديمها يد المساعدة للثوار من الأدوية والمال والعلاج على مستوى عيادة الابن “جون لاليبار” إلى أن تم اغتيالهم حرقا في سنة 1962 من قبل المنظمة السرية(O.A.S) .
 مع العلم أنّ هذه العملية، شهدت “قفزة نوعية” منذ سنة 2014 حيث بلغت 306 تسمية،  لترتفع  السنة التي تليها إلى  7604  تسمية وأكثر من 500 تسمية خلال الفترة 2016 /2017، والعملية لا تزال متواصلة، بعدما كانت في حدود 08 تسميات سنة 2006 و88 تسمية خلال 2007  و39 تسمية في 2008 و25 تسمية سنة 2009  و53 تسمية خلال 2010 و31 تسمية في 2011  و15 تسمية في السنة التي بعدها،  فيما لم تسجّل المديرية أيّة عمليّة في هذا الإطار سنة 2013 بحسب الإحصائيات المقدّمة إلينا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025